اسرار الجن
عدد المساهمات : 163 تاريخ التسجيل : 23/06/2011
| موضوع: من احكام لبس الخواتم (1) الخميس أغسطس 18, 2011 9:58 pm | |
| - هل اتخاذ الخاتم سنة أم لا ؟
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْهمَا ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ ، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثْلَهُ ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوهَا رَمَى بِهِ ، وَقَالَ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا ، ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَلَبِسَ الْخَاتَمَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ عُمَرُ ، ثُمَّ عُثْمَانُ ، حَتَّى وَقَعَ مِنْ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسَ" [ متفق عليه ] .
قال العلماء : إن التختم سنة لمن يحتاج إليه ، كالسلطان والقاضي ومن في معناهما ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المسؤول عن الأمة آنذاك اتخذ الخاتم للضرورة ، فمن مسؤولاً واحتاج الخاتم ، فهو متبع لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه فالخاتم في حقه سنة .
أما غير أولئك فالأفضل عدم التختم ، وإن تختم غيرهم فهو من باب الزينة وهو جائز .[ الموسوعة الفقهية 11 / 24 بتصرف ] .
إذاً الأصل في الخاتم أنه ليس سنة إلا لمن احتاج إليه ، كما فعل النبي صلى الله عليه سلم ، فمن احتاج إلى الخاتم للضرورة فهو سنة ، ومن لم يحتج إليه فهو جائز في حقه .
قال الإمام مالك رحمه الله : سأل صدقة بن يسار سعيد بن المسيب فقال ـ يعني سعيد ـ : البس الخاتم ، وأخبر الناس أني قد أفتيتك . [ فتح الباري 10/400 ] .
وهذا يدل على الجواز .
2- في أي يد يكون الخاتم ؟
عَنْ عَبْدَاللَّهِ بن عمر رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ : " إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ ، وَإِنِّي لَا أَلْبَسُهُ ، فَنَبَذَهُ ، فَنَبَذَ النَّاسُ" قَالَ جُوَيْرِيَةُ : وَلَا أَحْسِبُهُ إِلَّا قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى" [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ ثَابِتٍ أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : " إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا ، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ" قَالَ أَنَسٌ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ" [ أخرجه البخاري ] .
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ ، كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ" [ أخرجه مسلم ] .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَتَخَتَّمَ بِهِ فِي يَمِينِهِ ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : " إِنِّي كُنْتُ اتَّخَذْتُ هَذَا الْخَاتَمَ فِي يَمِينِي ، ثُمَّ نَبَذَهُ وَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ" [ أخرجه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ] .
والتحقيق في المسألة : أن التختم في اليمين أو اليسار كله جائز ، لورود الأحاديث بهذا وبهذا ، يقول النووي رحمه الله تعالى : " وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء ، فأجمعوا على جواز التختم في اليمين ، وعلى جوازه في اليسار ، ولا كراهة في واحدة منهما ، واختلفوا أيتهما أفضل ؟
فتختم كثيرون من السلف في اليمين ، وكثيرون في اليسار ، واختار النووي رحمه الله التختم في اليمين أفضل ، لأنه زينة ، واليمين أشرف ، وأحق بالزينة ، والإكرام" [ شرح النووي 14 / 299 ] .
وقال بعض العلماء : أن التختم في اليسار أفضل ، لأنه في هذه الحالة يكون أخذ الخاتم واستخدامه باليمين ، فيلبسه باليمين ، وينزعه باليمين ، بخلاف ما إذا كان في يمينه فإنه سيستخدم يسراه في اللبس والنزع والاستخدام .[ حاشية السندي على سنن النسائي 8/ 554 ] .
وقال البيهقي رحمه الله : " وان أبا بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلى بن أبي طالب ، وحسناً وحسيناً ، كانوا يتختمون في يسارهم" [ الآداب 373 ] .
وعن عبد الله بن نوفل قال : رأيت ابن عباس يتختم في يمينه ، ولا إخاله ـ أظنه ـ إلا قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه [ حسن صحيح ] .
وكان الحسن والحسين يتختمان في يسارهما [ صحيح ] .
وقال حماد بن سلمة : " رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه ، فسألته عن ذلك ؟ فقال : رأيت عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه ، وقال عبد الله بن جعفر : كان النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه [ صحيح ] [ انظر كل ذلك في صحيح سنن الترمذي للعلامة الألباني رحمه الله تعالى 2 / 275 ] .
قال البغوي رحمه الله : " كان آخر الأمرين من النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في اليسار" [ شرح السنة 12 / 58 ] .
وسئل الإمام أحمد رحمه الله عن التختم في اليمنى أحب إليك أم اليسرى ؟
فقال : في اليسار أقر وأثبت . [ الآداب الشرعية 4 / 184 ] .
وأقول : لبس الخاتم في اليمين هو دلالة السنة الصحيحة الصريحة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لبسه في يمينه ، ولبسه في يساره ، وكان في اليمين أكثر كما قاله أبو زُرعه ، ولأن اليمين محل تكريم وتشريف ، بعكس اليسرى فهي آلة الاستنجاء ، فيصان الخاتم عن أن تصيبه النجاسة .
بل قال البخاري رحمه الله : إن حديث عبد الله بن جعفر أصح شيء ورد فيه ، والذي ورد في حديث بن جعفر أن التختم في اليمين ، وأخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ ، وَتَرَجُّلِهِ ، وَطُهُورِهِ ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ" ، فعلى ذلك أقول : أن التختم في اليمين أفضل والعلم عند الله تعالى . [ فتح الباري 10/402-403 ] .
فائدة :
في حديث أنس رضي الله عنه فائدة لطيفة وهي : أن فص الخاتم يكون مما يلي باطن اليد ، وهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وفعله لا يدل على الوجوب ، فيبقى الأمر على الجواز ، فمن أراد أن يجعل فص الخاتم إلى أعلى فله ذلك ، ومن أراد أن يجعله مما يلي باطن كفه فله ذلك ، وهذا هو الاقتداء والاتباع لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة .
يقول النووي رحمه الله تعالى : " ولكن الباطن أفضل اقتداءً به صلى الله عليه وسلم ، ولأنه أصون لفصه ، لأن الفص ربما تعرض للكسر إذا كان في أعلى اليد ، وأبعد لصاحبه عن الزهو والإعجاب ، وهذا مشاهد معروف ، فبعض الناس تراه كل لحظة وهو ينظر في خاتمه معجباً بوضعه في يده ، مع أن السنة خلاف ذلك ، والأمر عكسه تماماً .
3- في أي الأصابع يكون الخاتم ؟
عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا ، قَالَ : " إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا ، وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا ، فَلَا يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ" قَالَ : فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ" [ أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري ] .
وعند مسلم من حديث أَنَسٍ أيضاً قَالَ : كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ ، وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى .
يقول النووي رحمه الله : " وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر ، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع" [ شرح النووي على مسلم 14 / 298 ] .
والصحيح في المسألة أن الرجل يتختم في أصبعه الخنصر وهو السنة ، أو البنصر ، لأنه لم يرد فيه كراهة ولا تحريم ، ولا يتختم في غيرهما ، لورود النهي عن ذلك ، والنهي هنا صراحة للكراهة الشديدة أو للتحريم ، فيجب على المسلم أن يربأ بنفسه عن مواطن الحرام والمكروه أو حتى المباح .
4- الأصابع المنهي عن التختم فيها :
عَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى قَال : سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه يَقُولُ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقَسِّيِّ ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ ، وَأَنْ أَلْبَسَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ وَفِي هَذِهِ ، وَأَشَارَ إِلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى" [ أخرجه الترمذي وقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ ، قَالَ : فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا" [ أخرجه مسلم ] .
قال النووي رحمه الله : " والكراهة للنزاهة" [ شرح النووي 14 / 298 ] .
والأظهر أنه لا يكره لبس الخاتم في البنصر والإبهام ، لعدم ورود نص يدل على التحريم أو الكراهة ، فبقي الأمر على الإباحة ، لأن ما سكت عنه الشرع فهو من قبيل المباح . [ الموسوعة الفقهية 11 / 27 ] .
5- أفضل أنواع الخواتم :
لا شك أن أفضل أنواع الخواتم للرجال ، خاتم الفضة للأحاديث السالفة الذكر .
وقد سئل الإمام أحمد : ما السنة ؟ يعني في التختم ؟
فأجاب بقوله : لم تكن خواتيم القوم إلا من الفضة . [ الموسوعة الفقهية 11 / 25 ] .
ويباح للرجال والنساء لبس خاتم الجوهر ، والزمرد ، والزبرجد ، والفيروز ، واللؤلؤ ولو كانت ثمينة ، إلا إذا كان في ذلك مباهاة وتعالياً على الناس ، فإنه والحالة تلك يحرم ، وكذلك إذا أدى ذلك إلى الإسراف والترف فإنه يحرم ، ففقراء المسلمين ومحاويجهم ، أحق بها من الترف والجاه المفرط .
6- أنواع الخواتم المنهي عنها للرجل :
جاءت أحاديث النهي عن الذهب للرجال عامة ، عن عَلِي رَضِي اللَّه عَنْه قال : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبًا بِيَمِينِهِ ، وَحَرِيرًا بِشِمَالِهِ ، ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ فَقَالَ : " هَذَانِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي" [ أخرجه أحمد والنسائي ] .
وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ : نَهَانَا عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ ، وَعَنِ الْحَرِيرِ ، وَالْإِسْتَبْرَقِ ـ الحرير الغليظ ـ وَالدِّيبَاجِ ـ نوع من الحرير ـ وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ ـ الفرش المتخذة من الحرير ـ وَالْقَسِّيِّ ـ ثياب مخططة بالحرير ـ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ ، وَأَمَرَنَا بِسَبْعٍ : بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ، وَرَدِّ السَّلَامِ ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ" [ متفق عليه ] .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ" [ متفق عليه ] .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ ، وَقَالَ : " يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ ، فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ" ، فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا ، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [ أخرجه مسلم ] .
وأما ما جاء في حديث سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رحمه الله قَالَ : قَالَ عُمَرُ لِصُهَيْبٍ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ خَاتَمَ الذَّهَبِ ؟ قَالَ : قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ ، فَلَمْ يَعِبْهُ ، قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [ أخرجه النسائي ، والحديث منكر كما ذكره السندي رحمه الله ، وقال الألباني رحمه الله : ضعيف الإسناد ، فالحديث لا حجة فيه البتة ، ولو صح لخالف الأحاديث الأصح منه ، فكيف وهو ضعيف . انظر ضعيف النسائي 175 ] .
فالصحيح أن خاتم الذهب للرجل محرم ولا يجوز لبسه .
وإن كان جائزاً في بادئ الأمر أي في أول الإسلام ، لكن الإباحة نسخت بالتحريم كما في الأدلة السابقة ، وإن كان هناك من العلماء من أباحه كابن حزم رحمه الله ، وهناك من العلماء من كرهه ولم يحرمه ، ولكن الأدلة السابقة حجة عليهم ، فقولهم مرجوح بالنصوص الشرعية الصحيحة التي لا مُطعن فيها .
وقد وردت النصوص الشرعية بالوعيد الشديد لمن لبس الذهب من الرجال ، ولكن مع الأسف فهناك ثلة من المسلمين لم يرتدعوا بل عصوا الله عز وجل ، وتمردوا على أوامر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فما أصبرهم على النار .
عَنِ حُذَيْفَةَ قال : قال النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ" [ متفق عليه ] .
وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ ، إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ" [ متفق عليه ] .
قال النووي رحمه الله : " أجمعت الأمة على تحريم الأكل والشرب وغيرهما من الاستعمالات في إناء الذهب والفضة" [ المجموع 1 / 306 ] .
وتحريم الاستعمال يشمل الذكور والإناث لعموم الأخبار ، وعدم وجود المخصص ، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج .
وخُصص من الأدلة خاتم الفضة للرجل ، وأفضله الفضة المخلوط بيسير من الحديد ، كخاتم النبي صلى الله عليه وسلم .
فائدة :
مما يجب ذكره إلحاقاً للفائدة ، أن الخاتم لو كان فضة ، وجُعل فيه جزء يسير جداً من الذهب فهو غير جائز ، بل محرم ، وهذا يعني أن خاتم الرجال يجب أن يخلو تماماً من الذهب ، ولو رُش بماء الذهب ، أو كان مموهاً بالذهب ، فكل ذلك حرام .
قال ابن حجر رحمه الله : " وفي حديث عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّه عَنْهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، وَجَعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ ، فَاتَّخَذَهُ النَّاسُ فَرَمَى بِهِ ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ أَوْ فِضَّةٍ" ، في الحديث ما يُستدل به على نسخ جواز لبس الخاتم إذا كان من ذهب ، واستدل به على تحريم الذهب على الرجال قليله وكثيره ، للنهي عن التختم وهو قليل" [ فتح الباري 10/391 ] .
ومما يكره من الخواتم ، خاتم الحديد الصرف ، عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ" فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ ـ نحاس أصفر ـ فَقَالَ : " مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ" فَطَرَحَهُ ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ ؟ قَالَ : " مِنْ وَرِقٍ ، وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا" [ أخرجه النسائي وأبو داود ] .
وللحديث شاهد من حديث عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي يَدِ رَجُلٍ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ : " أَلْقِ ذَا" فَأَلْقَاهُ ، فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " ذَا شَرٌّ مِنْهُ" فَتَخَتَّمَ بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ ، فَسَكَتَ عَنْهُ" [ أخرجه أحمد ] .
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رَأَى عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَلْقَاهُ ، وَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " هَذَا شَرٌّ ، هَذَا حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ" فَأَلْقَاهُ ، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ ، فَسَكَتَ عَنْهُ" [ أخرجه أحمد بسند حسن 11/69 ] .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ كَرِهَهُ فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ : " هَذَا أَخْبَثُ وَأَخْبَثُ" فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ فَسَكَتَ عَنْهُ" [ أخرجه أحمد ] .
والنهي عن لبس خاتم الحديد ينبغي أن يحمل على ما إذا كان حديداً صرفاً ، لخبر مُعَيْقِيبِ قَالَ : " كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٌّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ ، قَالَ : فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدِهِ ، وَكَانَ الْمُعَيْقِيبُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" [ أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح ] .
أما حديث الرجل الذي تزوج امرأة بخاتم من حديد ، فليس فيه استدلال على جواز لبس خاتم الحديد ، ولا حجة فيه ، لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس ، فربما أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته .[ ، فتح الباري 10/399 ، شرح السنة 12/59 ، مسند الإمام أحمد 11/70 ] .
ومما يكره لبسه من الخواتم للرجال والنساء ، خاتم الحديد والصفر والنحاس والرصاص ، لأن الحديد حلية أهل النار ، قال تعالى : " لهم مقامع من حديد" .
وكل ما ذكر من الصفر والنحاس والرصاص من أدوات العذاب والعياذ بالله .
ويحرم لبس الخاتم على وجه التكبر والخيلاء والعجب والزهو ، لأن أصل هذه الصفات مذموم ، معاقب صاحبه .
7- وزن الخاتم :
قال الحنفية : لا يزيد الرجل خاتمه عن مثقال .
والمثقال هو وزن الدرهم الإسلامي وهو ما يعادل = 4،25جراماً .
وحجتهم في ذلك حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ ، فَقَالَ : مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ ، فَطَرَحَهُ ، ثُمَّ جَاءَهُ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ شَبَهٍ ، فَقَالَ : مَا لِي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الْأَصْنَامِ ، فَطَرَحَهُ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ ؟ قَالَ : مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمَّهُ مِثْقَالًا" [ أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي ] .
وقال المالكية : يجوز للذكر لبس خاتم الفضة إن كان وزن درهمين شرعيين أو أقل ، وهو ما يعادل = 2,975جراماً ، فإن زاد عن درهمين فهو حرام .
ولم يحدد الشافعية وزناً للخاتم المباح ، ولعلهم اكتفوا فيه بالعرف ، أي عرف البلد وعادة أمثاله فيها ، فما خرج عن ذلك كان إسرافاً ، وكما قال الأذرعي : الصواب ضبطه بدون مثقال .
وقال الحنابلة : لا بأس بجعله مثقالاً فأكثر ، لأنه لم يرد فيه تحديد ، ما لم يخرج عن العادة ، وإلا حرم ، لأن الأصل التحريم ، وإنما خرج المعتاد لفعله صلى الله عليه وسلم ، وفعل الصحابة [ الموسوعة الفقهية 11/27 ] . | |
|